vendredi 26 octobre 2018

فضفضة

أوّل ما بدأت الكتابة كنت بالسادسة عشرة من عمري، أذكر تماما كيف حملت القلم الأزرق الجاف و قلبت كراسة تحضير اللغة العربية و كتبت خاطرة عن التغيير، بعد ذلك صارت كل الصفحات الأخيرة في كل كرارايسي بيوتا خاصة لخواطر لا تتعدّ العشرة أسطرا ربما، لكن هكذا بدأت الكتابة و هكذا قررت أن أكون كاتبة، و أقنعت نفسي بأنني موهوبة، لم أكن أعرف أنذاك عن الروايات غير اسمها، و أنها بعض الترف الفكري الذي لن يضيف لرصيد ثقافتي -المتشبع بصحوة عام ألفين و ستة- أيّ شيء.
منذ أيام و أنا أفكر في قيء الكلمات المنحسرة بداخلي مدة من الزمن، طبعا كتبت و أنا أغسل الأواني، كتبت و أنا أهيء فراشي، المهم كتبت في كل الحالات التي لم يمكنني فيها أن أحتفظ ات بأي فكرة و لا باللغة، و لذلك اخترت الفضفضة، عنوانا لعشوائية كلام، لا غاية منه و لا ترتيب له
هذا التأخير أوصلني إلى فكرة "هل ستنقذني الكتابة هذا العام؟" هل ستصنع مني شيئا مختلفا؟ هل الكتابة هي موهبتي منذ البداية؟ بعدما فكرت في إدراج قسم جديد إلى مدونتي يتعلق بتخصصي الدراسي، و الذي طبعا سيكون كتابة شيء ما
لست مضطرة إلى توضيح أن حياتي تقلصت كثيرا منذ شهر من الزمن، أن الألم لم يبرحني و أنني اكتئبت و خرست، و تجوفت، حتى صرت لاشيء، و أن هذا ما اضطرني لإحداث حركة بسيطة في البركة الراكدة.
معضلة عدم الإستسلام هذه و اختيار الطريق الخاص، فكرة الغربة التي اعيشها و اللاإنتماء، هذا ما يصنع قدري في هذا العام الجديد، أنني لم أتشارك كل التفاصيل مع كل من التقيتهم، أنني دائما ما أصنع ذكريات تطول أو تقصر، و لكنها لا تصنع الكلية، أنا "وحدي" هذا ما خلصت إليه، و هو صعب! لست أنا ذاك الإنطوائي الذي يجيد التواجد معه طول الوقت و لا يحتاج اي أحد، فكثيرا ما أكون وحدي و لكن ليس حقيقة ، أحاول أن أهرب بأي شكل، البقاء معي ليس ممتعا، إلا في لحظات الكلام، بالكتابة أكون، و بها أكتمل.
يا إلهي..أريد إضافة خمسة عشرة سطرا جديدا لهذه التدوينة ، لكنني لا أستطيع
كتابة ثماني تدوينات كان تحدي هذا الشهر، تحمست منذ البداية، و حمدت الله أن يسر لي فرصة تشغلني ‘ن الندم و الجزع و اجترار الأسى و المرارة، كتبت تدوينة أحببتها، كتبت مراجعة بشق الأنفس، لكنني لم أستطع إضافة أي شيء بعدها، بقيت أسبوعين دون أن تخطر ببالي فكرة واحدة، و لا أن تسعفني حتى اللغة في صياغة فكرة قديمة، لكن لم ترى النور بعد، حتى التدوينة الوحيدة التي حاولت معها جعلتها تبدو كحديث عبثي  مع أي كان، في تلك اللحظة عدلت عن الكتابة حتى ينزل علي وحي جديد، لا أعلم كيف، و لا متى، نسيت أمر التحدي و تخليت عنه أساسا، و قررت الإحتفاظ بنفسي، أن أصمت و أترك للأيام مسؤولية استيعاب الضوء المتسرب من الشقوق، و تبعثني شيئا ما كما أعبر دائما عما أرغب أن أكونه.
في الرابعة و العشرين من عمري لا أجد أن الكتابة، هي تلك الخواطر التي تسيل كقلم الحبر الجاف على صفحات دفاتري اللغة العربية، إنها حالة ما تتلبس بي أحيانا تدفع الكلمات تباعا، لكنها السهل الممتنع إذا ما خططت و هيكلت و وضعت القوالب، فهل أخطأت يا ترى بجعلها هدفا؟
.

1 commentaire:

  1. من تجربتي يمكن ان اجيبك عن آخر سؤال ب "نعم". الشيء الذي ينساب منا سلسا عفويا سيتحول الى مهمة شاقة لو قيدناه بالمخططات وجعلناه هدفا بذاته لأننا صرنا نحاول اخضاعه لرغبتنا نحن في الخروج بعد ان كان خاضعا لرغبته هو.. الجمال يزداد كلما كان حرا وينقص كلما خضع لغيره.. خلي جعبتك تتفرغ بعفوية حسب الحاجة لا تلبسيها الكوستيم وان كان التخطيط ضروريا فضعيه في اعتبارك ثم ضعيه على الرف كي لا يقيدك وتفقديه بين الفترة والاخرى كي لا تنسيه

    RépondreSupprimer