اليوم الثاني عشر
في هذا اليوم كان أول مفهوم يتبادر إلى ذهني، عندما خرجت من الصيدلية هو -الحرية-، راودني سؤال "لماذا قد نرضى بتقييض حريتنا مقابل حصولنا على منفعة ما أو أجر؟"، "هل يتم التفاوض على الحرية؟.
أقول بعد مرور هذه الأيام القليلة أن كل من سبقونا محقين في موضوع تأثير الواقع علينا، يستطيع الواقع سحب حماسا و تقييض طموحتنا و رسم حدود وهمية لحرياتنا.، بعدما ظننت أنني رانشورداس، أستطيع التحليق كحرة لأنني أتبع شغفي غير مهتمة و لا خائفة من مستقبل، وجدتني كالجميع أحاول باستماتة أن أحافظ على فرصتي و خلق واحدة أخرى، وجدتني أخطط لأشياء لم أكن أهدف إليها و بذلك نجح الواقع في تغيير المسار مجددا، و كنت مرة أخرى مع مفترق طرق جديد أتساءل للمرة المليون "ما هو القرار الأصوب؟"
ماذا لو قلنا الآن صيدلية؟ هل بقيت ذات المكان الجميل؟ - بالتأكيد ستبقى كذلك، لكن هل سأتأقلم أنا مع الحقيقة؟ و أجيد دوري الجديد؟
في أول يوم لي في الصيدلية لم أكلف نفسي بأي شيء، قلت أنه يوم للملاحظة و محاولة لفك بعض الشيفرات و التكيف مع وضع جديد تماما علي، لكن بتقدم الأيام بدأت التجربة تتخذ منحى تصاعديا في الصعوبة، في البداية تحدي إيجاد خطة للتعلم و وضع أهداف و إيجاد توجيهات لنفسي، خاصة و أنها أول تجربة تعلم ذاتي حقيقي لي، فالفرق بين الدراسة و التربص، أنك في الدراسة مجرد متلقي تتكفل الجامعة و معها الأستاذ بتوجيهك، على عكس التعلم الذاتي، أين تكون مجبرا على وضع منهج خاص بك و محاولة تطبيقه و الأكثر من ذلك في التربص هو إتقان التطبيق، و هو الشيء الذي يستغرق وقتا، لكن مع الأسف ليس في ظروف تكويننا الحالي.
مع أني مررت بتربصات ثلاثة أشهر مضت إلا أنني أعتقد أن عدم اكتراثي بتحقيق تحصيل كبير منها هو ما جعلها تمر سهلة و مرنة، خاصة و أن زملائي كانوا يشاركونني فيها و كنا نتعاون فيما بيننا و نستعين ببعضنا.
قد يقرأ هذه التدوينة طالب لم يسبق له التربص في صيدلية، و قد تساعده بعض هذه الإستخلاصات، و التي ستكون بدورها ذكرياتي و فرصة لإعادة التقييم مستقبلا -إن شاء الله-، واحد من أهم المهارات التي يجب تعلمها هي "السؤال" سؤال الجميع عن كل شيء، ثم معرفة ما دورك و ما عليك تعلمه، و قبلهما حقك ثم حقك ثم حقك و المجادلة فيه، لازلت أخطو خطوات طفل بريئة و بطيئة و أستطيع تلمس نتائج الكثير من الأخطاء التي ارتكبتها في سنوات الدراسة أخطاء لا علاقة لها بالتحصيل العلمي بقدر الإنخراط في النوادي العلمية و المشاركة في الحملات التطوعية و التحسيسية، أستطيع الجزم بأن النشاطات العلمية خارج أوقات الدراسة كانت ستكون زادا هاما جدا و معينا جدا في الحياة العملية.
إلى هنا تكلمت قليلا و حاولت البقاء في تواصل مع نفسي..حتى لا أنطفئ.