vendredi 17 septembre 2021

مقتبس من كتاب "خديجة-رضي الله عنها-"

septembre 17, 2021 1 Comments


العنوان الثاني لهذا الكتاب هو "فلسفة الزواج في الإسلام" للكاتب (خليل عبد السلام)، -حصلت عليه كهدية من صديقتي ياسمين-، يتحدث عن مقاصد الزواج في الإسلام من خلال دراسته لهذا الجانب من سيرة رسول الله صلى الله عليه و سلم كجزء من بحث أكثر شمولا للسيرة ككل و في هذا يقول الكاتب في مقدمته:"ليس هذا البحث سردا مجردا للأخبار، و لا تبعا لمواقعها الزمانية و المكانية، بل هو استكناه لأسرارها المستخفية وراء حجب الزمان و المكان، و استخراج لأخباء المقاصد و المعاني من أغوارها."


الإقتباس الأول:

 استوقفني فيه فائدة لطيفة جدا، و شعرت بالوقوع عليه كأنما فتحت في عقلي أبواب أوسع و أكثر شمولا و تحريرا للإنسان من تعلق بأسباب بسيطة أو دوافع عاطفية إلى غايات أسمى إذ يستشهد الكاتب بقول الله سبحانه و تعالى:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" الروم-21- ثم يقول:" و المودة و الرحمة هي جزء خاص من ثمرات الزواج، و ليست كل ما يرجى من هذا الإرتباط ذي الوظيفة الرسالية الأسمى، و هي تحقيق مقصد العبودية الخالصة لله،( وَ مَا خَلَقْتُ الجِنَّ و الإنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ) الذاريات-6-، فلا يتحقق كمال الهيأة الإنسانية إلا بكمال العبودية لله، و لذلك كانت العبادة وسيلة إلى هذا الكمال، و ليست خدمة نقدمها إلى الله -سبحانه و تعالى- (فَإنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ) آل عمران-97- " و بنهاية هذا الإقتباس يجعلنا الأستاذ نفكر في معنى لم يخطر على أذهاننا مسبقا ألا و هو أن المودة و الرحمة ليستا مقصدا و لا غاية منذ البداية بل هما نتيجة للزواج الذي إذا عرف الغرض  الأول منه و هو (عبادة الله في الأرض) أنتج من الثمرات ما كان معينا للإنسان على طريق الدنيا لا معينا عليه، فيكون بذلك الزواج فرصة للسمو بالإنسان و تحقيق مبدأ الإستخلاف كغاية أسمى لوجوده الإنساني على الأرض.

الإقتباس الثاني:

"و المرأة في فلسفة ما بعد الحداثة، كيان منفصل عن الرجل، و ليست طبيعة مكملة لطبيعته، و هو طبيعة مكملة لطبيعتها، و هذه نظرة شاذة عن الفطرة، تلغي الفوارق الطبيعية و الوظيفية بينها و بين الرجل، و تؤول في نهاياتها إلى ترجل النساء، و تخنث الرجال، و الوصول إلى عالم رجالي صرف بلا نساء؟! أو عالم نسائي صرف بلا رجال، فهل تستقيم الحياة بتلك الأحادية و الشذوذ عن الفطرة؟! أم هي فلسفة تدفع بالإنسانية إلى الإنتحار و الفناء.؟! و ما الحرية إلا ظاهر براق، يخفي حقيقة العبودية التي تسخر المرأة لنخاسة الجنس؟!.
و الحرية بهذا المعنى نزعة هلامية، تصادم في مآلاتها القيم الإنسانية، نتيجة غلبة النزعة المادية المفرطة، في غياب الوحي الإلهي الموجه.
و الأحكام التكليفية المقصود منها ضبط المباح، الذي هو محل النشاط الإنساني و أوسع دوائر التكليف، فالحرية الإنسانية منوطة به، و هي ليست على الإطلاق البهيمي، بل مراعى فيها موازانات فردية و اجتماعية تحقق مقصود الشارع من التكليف، للوصول بالإنسان إلى منتهى كماله، الذي يتجلى في صورة حضارة، و هي بلوغ كمال الهيأة في الإنسان و العمران.
إن غياب البعد الأخلاقي يشكل تحديا كبيرا و مشكلا مرجعيا في الثقافة الغربية، و الحس الأخلاقي هو الذي يتميز به الإنسان عن الحيوان، فالإنسان كائن أخلاقي، أي ذو ضمير."

الإقتباس الثالث:

" و من مقاصد الإسلام في الزواج أنه ينشد الكمال في الرجل و المرأة على سواء، لتنشأ في محضن الزوجية ذرية كاملة الملكات، تامة العقل، سليمة الفطرة، تقوم بوظائف الإستخلاف حق القيام و أحسنه، وتضطلع بالرسالة الإنسانية كاملة غير شائهة و لا منقوصة، و تعمر الدنيا عمارة تحقق مقاصد الوجود، عمارة إنسانية عاقلة، و ليست عمارة بهائم متوحشة في مجاهل أحراش الأرض، تلهث لإشباع ظمئها الجنسي، و لذا شدد الإسلام على عنصر الإختيار، و جعله من حقوق الذرية على الآباء، لأنه اختيار للأبناء و اصطفاء للأرومة، قال -صلى الله عليه و سلم-: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس).

الإقتباس الرابع:

" و ثقافة المجتمع إذا كانت راسخة في عالم الأشياء يعسر معها تحطيم الصنم
، أما إذا ارتقت إلى نور الفكرة، فإن الأصنام تتهاوى من تلقاء نفسها، و هذا يحتاج إلى مجهود شاق لخوض معركة الوعي، يرتقي بالنفس من عالم الأشياء الموغل في المادية القاسية، إلى عالم الأفكار الذي يجعل من القيم الإنسانية النبيلة نظاما اجتماعيا و ثقافة يصدر منها سلوك الأفراد و الأسر و المجتمعات."

الإقتباس الخامس:

" إن الفقر المادي ذريعة إلى الفقر الأخلاقي، فالفقر يسوق صاحبه إلى الجريمة سوقا عنيفا، فهو يجعل صاحبه ذاهلا عن نفسه، تائها عن حاضره و مستقبله، و لذلك تعلق حق الفقير بمال الغني، حفاظا على شبكة العلاقات الإجتماعية من التمزق، فالمسؤولية الأخلاقية على قيم المجتمع لها تعلق بمال الغني، فإن منع حق ماله على الفقير فقد فتح باب شر كبير على المجتمع، ولهذا المعنى كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر على صعيد الفرد و المجتمع، فالصلاة تُفَعِّل البعد الاجتماعي في الأغنياء، فلا يمنعوا حق المجتمع في الثروة."