استيقظت هذا الصباح في نفس الحال التي نمت عليها، متتالية أفكار حزينة ملخصها -الحسرة و الندم-، لم أعي بنفسي حتى وجدتني أنهي حزبا من سورة البقرة، وددت لو أني زدت أكثر لكنني خفت الفتور اللاحق، لم يكن صباحا سهلا رفقة الدموع التي لا يمكن حبسها لكنه انتهى بشكل ما إلى سكينة داخلية. الله ربي و هو ملاذ الخائفين.
كنت أفكر في أنه لماذا أحصر نفسي في قالب معين مادامت الخيارات متاحة؟، أو بالأحرى لماذا أكون ضحية ما يتم نشره أو حتى الترويج له، سنوات من السوشيل ميديا و المدونات و الكثير من القصص التي كنت شاهدة عليها أشعرتني بأن هذه الطريقة أو تلك هي التعبير الأمثل أو الأكثر إبداعا أو "الأجمل و الأصح" لمواجهة أزمات حياتي أو الإستمتاع بوقتي، لقد فهمت أخيرا أن لكل هويته في هذا و ما يميل إليه، فما العيب في أن أكون أنثى و يكون اللجوء إلى تحليل الأفكار الكبرى أكثر متعة لي من قضاء ساعة كاملة في التغنج لكي أشعر بأنني جميلة!، يمكنني التحدث لساعات عن الأفلام و المسلسلات و الشخصيات الخيالية التي قرأتها و الافكار العظيمة التي استنتجتها و أشعر بالإكتفاء بل قد أصل للتشبع، ثم أكتب عن ذلك، فلماذا قد أشعر بالنقص عندما تقوم اخرى أو آخر بإعداد كعكة شهية ثم تصورها؟ لتقول هذه هي هويتي و طريقتي في التعبير عن ذاتي.
هي الهوية إذن! الطريقة الخاصة في التعبير. قلت في نفسي: ما الذي يجعلك تعودين من حيث بدأت بثينة؟! لقد كان هذا من مسلماتك، عدم الإكتراث للنقد الخارجي أو تسخيف أسلوبك، لكن يبدو أن المفاهيم الكبرى لا تترسخ إلا بالتجربة، و ما أفضله لا يعني بالضرورة أنني لا أهتم لمواضيع أخرى، لكنها ببساطة جزء مني لا وسيلة، هي مكونات لا وسائل أستعملها وقت الحاجة.
أنهيت الشطر الثاني من وثائقي my mind and me تتحدث فيه سيلينا غوميز -و هي مغنية بوب مشهورة- (من بني جيلي) عن إصابتها بمرض ثنائي القطب، و هو اضطراب نفسي شديد يعيد تشكيل واقع المريض و نظرته للحياة و تعاطيه معها، قاومت أفكار المؤامرة داخل رأسي كي أستطيع الحكم بموضوعية (مع عدم إغفال النوايا الغير بريئة للإعلام و رسائله المضللة)، -ليست أول مرة أتعرف فيها على هذا الإضطراب فقد قرأت عنه سيرة المعالجة النفسية جاميسون و قبل ذلك أنا صيدلانية-. هل شعرت بالتعاطف مع سيلينا؟ نعم، مع أنني وجدت الوثائقي يتحدث عن طريقة عملها و حياتها خلال ذلك و تعايشها مع الإضطراب من خلال هذا. لعل أهم ما قالته سيلينا بالنسبة لي هو تلخيصها لمشكلتها حينما قالت:"لم أشعر منذ الطفولة أنني كافية، في وسط كل ذلك الجمع دائم أجد من يقول لا يعجبني هذا و دائما أصدقه" ربما هنا مكمن الخلل، أحيانا مهما يكون المحيط داعما و محبا لا يستطيع مساعدة الشخص الذي يعاني في داخله من عدم تقبل ذاته، و حتى هذا الذي يعاني لا يملك سيطرة على هذه الأفكار، و عليه أن يتعلم كيف يدير كل هذه الأفكار التي ستورطه في مشاعر سلبية تأخذ مناحي سلوكية مؤذية له بالدرجة الأولى.
هههههههه لابد أن أكررها كل مرة لكنها ليست مجاملة صدقا يا رفيقة.. إنني أستمتع بقراءة ما تكتبين كأنه وجبة لذيذة! أسلوبك فيه تميز ما مختلف عن أساليب الكتابة التي اعتدت قراءتها! وربما تقديري لجمجمتك وما تحويه منذ جلسنا ودردشنا لأول مرة عن المعاني أمام مخابر الكلية يجعل ذلك التميز مسلمة عندي.. حمبوك لا توقفي قلمك والله!
RépondreSupprimer